البديل
«الخليل».. المدينة التي لا يجوع فيها أحد
على مر الزمن اشتهرت مدينة الخليل بفلسطين بأنها المدينة التي لا يجوع فيها أحد، وذلك بسبب التكية التي استمرت منذ إنشائها على تقديم وجبات الطعام لكل جائع من المدينة أو خارجها.
والخليل مدينة فلسطينية، ومركز محافظة الخليل، تتبعها مائة قرية فلسطينية، وتعتبر من أكبر مدن الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة، يتوسطها المسجد الإبراهيمي الذي يحوي مقامات الأنبياء إبراهيم وإسحق ويعقوب، وزوجاتهم.
وسميت المدينة بهذا الاسم نسبة إلى الخليل إبراهيم أبي الأنبياء عليه السلام، ويعتقد سكان المدينة أنها كانت تسمى في السابق بقرية “أربع”، نسبة إلى ملك كنعاني اسمه أربع، ثم سميت بـ”حيرون” قبل أن يطلق عليها اسم “الخليل”.
تقع التكية عند أحد أركان مرقد النبي إبراهيم عليه السلام، وبدأ العمل بها منذ عام 1279 للميلاد حين أنشأها السلطان قالون الصالحي في زمن صلاح الدين الأيوبي، مطلقًا عليها اسم الرباط، وبعد ذلك أطلق عليها السكان اسم الطبلانية؛ لأن العاملين فيها كانوا يدقون الطبول إيذانًا ببدء تقديم الطعام صباحًا ومساء، وهي ملاذ كل جائع في الخليل وغيرها من مدن الضفة، وتنشط التكية بشكل كبير في شهر رمضان، فيزداد عدد الوجبات التي تقدم للمحتاج. أما في باقي أيام العام فتقدم وجبتان أسبوعيًّا.
وفي كتاب “الخليل عربية إسلامية” لمؤلفه محمد أبو صالح، قال إن التكية حظيت باهتمام كبير من قبل الدولة الإسلامية في مختلف حقبها التاريخية، وذلك منذ الفتح الإسلامي على يد صلاح الدين الأيوبي، بعده تكفلت 10 عائلات في مدينة الخليل بخدمة الحرم الإبراهيمي، وقرر وقتها صرف الشعير لخيول تلك العائلات؛ ليبقوا في رباط دائم إلى يوم القيامة، إضافة إلى إنشائه وقف التكية الإبراهيمية التي كانت تطعم الوافدين إليها.
وأضاف أبو صالح في كتابه أن التكية وقت إنشائها دأبت على تقديم الطعام للوافدين على المدينة ثلاث مرات يوميًّا، في الصباح وبعد الظهر وبعد العصر، موضحًا أن وجباتها تكونت من خبز السماط والحساء، موضحًا أن التكية كانت تستهلك وقتها من الخبز يوميًّا 14 ألف رغيف، وأحيانًا يصل العدد إلى 15 ألف رغيف، مشيرًا إلى أنه خلال فترة حربي 1948 و1967 استمرت التكية في تأدية دورها، وقامت بإطعام الكثير من الفلسطينين المهجرين من منازلهم، فقد ارتفعت خلال هذه الفترة عدد قدور الطبخ التي نفذتها، ووصلت إلى ما يزيد على 24 قدرًا من الطعام يوميًّا.
وأشار مؤلف الكتاب إلى أن أهمية التكية حاليًّا تتعلق بأنها خط الدفاع الأول لحماية البلدة القديمة، إضافة إلى أهمية موقعها نظرًا لمجاورتها للمسجد الإبراهيمي الشريف الذي يمتلك قدسية خاصة في نفوس المسلمين، وقد أزيلت التكية في عام 1964، وذلك ضمن مشروع أردني لإزالة الأبنية الملاصقة للحرم؛ بهدف تجميل ما حوله، وبعد ذلك نقلت إلى جانب بركة السلطان القريبة من الحرم، ثم أعيدت إلى مكانها مرة أخرى عام 1984، وتتولى الإشراف على التكية الإبراهمية حاليًّا وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، حيث تقوم بتغطية أي عجز في كميات الطعام، إضافة إلى تعاقدها مع شركة غاز لتزويد التكية بما تحتاجه من الوقود.
The post «الخليل».. المدينة التي لا يجوع فيها أحد appeared first on البديل.