البديل
الأبنودي في آخر كتبه: ابن عروس وهم وليس شاعرًا

"أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم".. بهذه الجملة اختتم الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي كتابه "ابن عروس.. ليس مصريًّا وليس شاعرًا".. الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعد شهرين من وفاته، إلا أن الأبنودي في هذا الكتاب لم يكن شاعرًا، بل باحثًا منقبًا عن شخصية ابن عروس، الذي طالما نُسب له فن المربعات في الصعيد المصري.
فى بداية الكتاب يقول الأبنودي "ما زلنا مثل أهالينا أسرى للكلمة المطبوعة، مهما بلغ ارتقاؤنا وثقافتنا، إلا أن نصًّا على ورق لا يمكن أن يطاول مصداقية الكلمة التي طبعت بالمكنة".. منتقدًا طريقة التفكير القائمة على أساس تصديق كل ما يطبع من كلمات على ورق، سواء في كتاب أو جريدة، وذكر الأبنودي 12نصًّا شكلت وعى "المثقفين العرب"، رغم ما تحمله من أخطاء، فقط لأننا توارثناها في شكل كتب، ويقف تحديدًا عند النص رقم 12 الذي يحمل اسم "ابن عروس"، ويحكى خرافات عن "قاطع طريق" مصري يسرق الأغنياء، ويقول الشعر في شكل "مربعات".
ويحكي الأبنودي النص رقم 12 ويقول: "من كتيب تكونه عدة وريقات طبعت بتلك المطابع التي كانت بشارع الصنادقية بجوار جامع الأزهر الشريف بالقاهرة، كان يباع بأسواق الري أسبوعية بنصف قرش كتاب يحمل اسم "ابن عروس"، ويحتوي على بعض من مربعاته الشعرية. والكتاب ساذج على الرغم من قيمة المربعات الشعرية.. ويقص بصورة ساذجة عن قاطع طريق كان يغير على بيوت الأغنياء وممتلكاتهم.. وفي ليلة اختطف عروسًا ليلة عرسها، وحين أراد أن يفعل بها الفاحشة، خاطبته بمربع شعري عن النزاهة والأمانة والعرض، فارتبك وتاب وأناب وأعادها إلى أهلها سالمة.. وجلس هو يغزل على وزن مربعها الشعري مربعات حكم دامت وعاشت إلى الآن".
ويؤكد الأبنودي أنه لم يكن هناك ابن عروس في مصر المملوكية، ولم يحدث أن كان ابن عروس "الوهمي" شاعر مقاومة استفزه ظلم الظالمين، كذلك لم يكن مختبئًا يومًا في مغارة، ثم هجم على موكب عروس. ويقول الأبنودي "لا أدري كيف جرؤ هؤلاء على ادعاء تاريخ حياة الرجل، وكيف يدعون أنه ذائع الصيت؟ وأنت لن تجد فلاحًا واحدًا سمع اسم ابن عروس أو ردده ناسبًا إليه المربعات، ولم نسمع في صعيد مصر اسمه على الإطلاق".
ويؤكد أن "ابن عروس" الوهمي كان ولىًّا صوفيًّا تونسيًّا، وليس شاعرًا، وليس هو من كتب المربعات التي نسبت إليه، وقد اعتمد الأبنودي على كتاب بعنوان "ابتسام الغروس ووشي الطروس في مناقب سيدي أحمد ابن عروس" تأليف عمر بن علي الراشدي الجزائري في إثبات ذلك، والكتاب يتكون من 522 صفحة.
وفي النهاية لم يترك الأبنودي القارئ يتساءل عن مربعات ابن عروس الحقيقي، بل أكد أنها للصوفي المغربي عبد الرحمن المجذوب، وبعضها للمصري القناوي عليّ النابي، ثم تداخلت الشخصيتان معًا لتنتجا وهمًا يسمى "ابن عروس".
The post الأبنودي في آخر كتبه: ابن عروس وهم وليس شاعرًا appeared first on البديل.