البديل
بعد الدعوة لمقاطعة السينما الأمريكية.. هل نحن قادرون على ذلك؟
أثار القرار الذي أصدرته نقابة المهن الموسيقية بدعوة الروابط والنقابات إلى مقاطعة السينما الأمريكية صدى في الوسط السينمائي؛ فالكثير من النقاد، وإن أشادوا بالقرار، إلا أنهم أكدوا صعوبة تطبيقه على أرض الواقع؛ لأمور عدة، من أبرزها أن الأمر يحتاج إلى مبادرة شخصية من الفرد وليس وصاية من أحد، فضلاً عن أنك بالمقاطعة تقاطع ثقافة عقابًا لشخص، وهذا مبدأ خاطئ بشكل كبير.
كانت النقابة قد أصدرت بيانًا، أكدت فيه رفضها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل، مطالبة بمقاطعة السينما الأمريكية بإنتاجها وفنانيها. وجاء في البيان “وتدعو نقابة السينمائيين كبار وشيوخ السينمائيين، وكذلك كل الجهات المعنية بالشأن السينمائى، لإصدار قرار بمقاطعة الأفلام الأمريكية أو أي مصنف فني أو حتى وجود عمالة أمريكية بالحقل السينمائي، سواء في مصر أو في العالم العربي، علمًا بأن موقفنا صارم ومعلن سابقًا من السينما الإسرائيلية في هذا الشأن، وهو المقاطعة والرفض التام”.
الناقد السينمائي كمال القاضي قال إن القرار من الصعب جدًّا تطبيقه؛ لأنه لا يجب علينا أن نقاطع ثقافة من أجل نظام معين، مشيرًا إلى أن مبدأ المقاطعة أضعف الإيمان، وأن هناك سبلاً أخرى أكثر تأثيرًا وإيلاما وعقابًا إذا أردت أن تأخذ موقفًا جديًّا، مشددًا على أن القرار حتى إن أردنا أن يكون ذا تأثير، يجب أن يصدر من اتحاد النقابات الفنية وليس نقابة واحدة فقط.
وأضاف القاضي لـ”البديل” أننا يجب علينا عندما نقرر اتخاذ قرار ما أن نكون مدركين حجم تأثيره في الأزمة القائمة، قائلًا: “نقابة المهن السينمائية تقول اللي هي عايزاه، لكن لما تنزل لأرض الواقع شوف هتعرف تتطبق ولا لأ”، متابعًا: “هتمنع العرض إزاي وانت عندك سينمات زي مترو وكريم والتحرير نسبة كبيرة من عملها قائم على الأفلام الأجنبية؟ يبقى إزاي هتمنع؟”.
وأشار الناقد السينمائي إلى أن المصريين أنفسهم هناك نسبة كبيرة منهم لا تتابع إلا الأفلام الأجنبية، إذا منعت ستلجأ لليوتيوب أو أي وسيلة أخرى، فضلاً عن أن عمل غرفة صناعة السينما قائم بشكل كبير على الأفلام الأجنبية، مؤكدًا أن القرار انفعالي وغير قابل للتطبيق.
ولفت إلى نقطة المهرجانات المصرية، حيث قال إن غالبية الأفلام المشاركة تكون أجنبية، وعلى رأسها السينما الأمريكية، فكيف ستتعامل مع هذا الموقف؟ ضاربًا المثل بالنسخة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي، الذي لم يشهد مشاركة أفلام مصرية إلا 3 فقط، وكانت معظم الأفلام المشاركة من إنتاج خارجي، إذًا فكيف سيطبق القرار؟
أما الناقد السينمائي الدكتور وليد سيف فوصف القرار بالشجاع، معقبًا: يستلزم أن يصاحبه بعض الاستثناءات للأفلام الأمريكية المهمة الحاصلة على جوائز دولية في مهرجانات كبرى، وأيضًا فى مسابقة الأوسكار.
وأضاف سيف لـ”البديل” أن القرار يجب أن يصاحبه الانفتاح على سينما أوروبا والعالم المهمة؛ لأن السوق المصري أصبح فعليًّا مملوءًا بالأفلام الأمريكية بمختلف مستوياتها، وتكاد تنفرد به، فهي مسألة في حاجة إلى ضابط، ليس فقط في ظل ردود أفعال لحظية تجاه أزمة القدس، ولكن بشكل دائم ومستمر.
الدكتور ياقوت الديب الناقد السينمائي أشاد أيضًا بهذه الدعوة إلى المقاطعة، معتبرًا أنها رد بسيط على ما قام به ترامب، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى صعوبة تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع، لأن شركات التوزيع تعتمد بشكل كبير على هذه النوعية من الأفلام.
وأضاف الديب لـ”البديل” أن هذه الخطوة تحتاج في الأساس إلى رغبة شخصية من كل فرد فينا بمقاطعة الأفلام الأمريكية نصرة للقضية الفلسطينية، موضحًا أن الأفلام الأمريكية يغلب عليها الطابع التجاري، الأمر الذي يجعلها لا تفرق عن غيرها من الأفلام الموجودة في العالم.
The post بعد الدعوة لمقاطعة السينما الأمريكية.. هل نحن قادرون على ذلك؟ appeared first on البديل.
