البديل
حكاية إقليم| حلوان.. بستان مصر
بقدر ما يعتبر حصن بابليون شاهدا على العصر الروماني، ومثلما تعد مدينة الفسطاط شاهدا على الفتح الإسلامي، تمثل مدينة حلوان شاهدا على عصر بني أمية، وهي ضاحية من ضواحي القاهرة، تقع على الشاطىء الشرقي للنيل جنوب القاهرة بنحو 40 كيلو مترا.
بنيت حلوان في عهد بني أمية، وقام ببنائها والي مصر آنذاك عبد العزيز بن مروان عام 70هـ 689م، الذي حكم مصر ما يقرب من 21 عاما حظي خلالها بحرية كبيرة في إدارة شؤون البلاد فكان شبه ملك مستقل يدير أمور دولته من الفسطاط، وبعد ذلك من حلوان، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة لإحدى قرى العراق.
ويذكر البعض أن سبب بناء عبد العزيز لمدينة حلوان جاء بعد خروجه من الفسطاط إلى الشرقية عندما انتشر بها مرض الطاعون، ثم نزل بموضع يعرف بأبي قرقورة، وفيها حفر عينًا ساق منها الماء إلى نخله بحلوان القريبة منها، ثم أعجبته حلوان وأعجبه المقام فيها فقرر بناء عاصمته الجديدة.
وهناك رأي آخر يسوقه المؤرخ أبو صالح الأرمني، وكذلك سعيد بن البطريق، مفاده أن عبد العزيز مرض أثناء ولايته على مصر بالجذام، فخرج من الفسطاط ونزل بموقع حلوان حاليا فأمر ببناء ضاحية جديدة تكون مقرا له، وربما قصد الاعتزال بها وقصد الشفاء، ومهما يكن الدافع للبناء فقد أعجب عبد العزيز بموقع حلوان وأنفق على بنائها ما يقرب من مليون دينار.
جاء اهتمام عبد العزيز بن مروان بأمور مصر كلها مقرونا بمدينته الجديدة، فقد بنى بها مقياسا جديدا للنيل، وباشر حكم بلاده من هذه المدينة التي استقر بها استقرارا دائما، وقد ترك نائبا له على الفسطاط وهو معاوية بن صريح، وأمره أن يوافيه بالأخبار يوميا، فكانت رسل ابن صريح تذهب يوميا برا وبحرا لتبلغ عبد العزيز بما يجري في الفسطاط.
ظلت حلوان ضاحية جميلة ومكانا يجذب زوار مصر ونزلاءها حتى بعد وفاة عبد العزيز بن مروان، وبعد سقوط الدولة الأموية أيضا، وأثناء الحكم العباسي زارها الخليفة المأمون بن الرشيد عام 217هـ 832م فأقام بها ما يقرب من 50 يوما وأشاد حينها بهوائها وبساتينها وبعدها عن الصخب.
The post حكاية إقليم| حلوان.. بستان مصر appeared first on البديل.