Quantcast
Channel: ثقافات –البديل
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1591

خلفاء الدولة الفاطمية في الميزان.. عبيد الله المهدي

$
0
0

البديل
خلفاء الدولة الفاطمية في الميزان.. عبيد الله المهدي

“نحاول ملكا أو نموت فنعذرا”.. جملة قالها عبيد الله المهدي، مؤسس الدولة الفاطمية، عندما كان في مدينة الرملة بفلسطين، حين انشق عنه القرامطة وهاجموه بقيادة يحيى بن زكروية، وقتلوا 83 فردا من أهله رجالا ونساء وأطفالا.

الإمامة

يرى الإسماعيليون المستعليون، أن عبيد الله المهدي، ليس هو الإمام الذي يورث الإمامة لأولاده من بعده، في حين يعتبره الإسماعيليون النزاريون إماما من حقه توريث الإمامة لأولاده من بعده، ولكن ليست هذه هي القضية، وما نحن بصدده هو إنجازه السياسي والحضاري.

الشيعي والمهدي

ليس دقيقا الحديث عن الدولة الفاطمية ـ وخاصة في مرحلة تأسيسها ـ دون ذكر الحسن بن أحمد بن زكريا الذي اشتهر بعد ذلك بأبي عبد الله الشيعي والصنعائي والمعلم، والذي أسهم بشكل كبير في تأسيس الدولة الفاطمية، إن لم يكن هو المؤسس الفعلي، جنبا إلى جنب مع عبيد الله المهدي.

التحق أبو عبد الله الشيعي بالداعية الفاطمي بن حوشب في اليمن، وفي فترة قصيرة استطاع أن يثبت براعته وإخلاصه، فقربه بن حوشب، وعند وفاة الداعيين الحلواني، وأبي سفيان، عهد له برئاسة الدعوة للفاطميين، ومن هنا بدأت رحلة أبي عبد الله الشيعي الكبيرة، التي كان قد مهد لها باتصاله في موسم الحج بحجاج قبيلة “كتامة” المغربية، وهي القبيلة التي سيصبح لها دور كبير في بناء وتأسيس الدوالة الفاطمية.

أعجب “الكتاميون” بأبي عبد الله الشيعي وفطنته، فطلبوا منه الذهاب معهم إلى كتامة، فأظهر رفضه في بداية الأمر ثم ذهب معهم، وهناك تمكن في فترة قصيرة من أن يجمعهم على رأيه وتحت رايته، ووجد فيهم ما يبحث عنه وهو حبهم لحمل السيف وفتح البلاد.

دخل أبو عبد الله الشيعي “كتامة” في عام 288هـ، وجمع أهلها وأعد منهم الجيوش وفتح بلاد “الأغالبة” وولى عليها أخاه أبا العباس، ثم فتح بلاد بني مدرار وبني رستم، وفي عام 296هـ دخل مدينة “رقّادة” جنوبي “القيروان” واستقر في دار الإمارة، وأمر الخطباء بالدعوة للخليفة الفاطمي عبيد الله المهدي، وكانت هذه أول دعوة معلنة للخلافة الفاطمية، ثم كتب بعد ذلك للمهدي الذي كان قد فر خوفا من فتك القرامطة بأن يأتيه، وبعد أن تابع أبو عبد الله الشيعي، فتوحاته ووصل إلى “سجلماسة” التي كان بها المهدي سجينا عند “أليسع بن مدرار” حين ذاك عمد إلى السجن وأخرجه وأركبه على حصانه وجاء به في ساحة كبيرة جامعا الناس وقال لهم: “هذا هو المهدي الذي كنت أبشركم به.. “

كان جزاء عبد الله الشيعي، من أميره وخليفته عبيد الله المهدي، كجزاء سنمار، فبعد أن استتباب الأمر للخليفة الفاطمي في إفريقيا الشمالية، قتل داعيته ووزيره أبا عبد الله الشيعي، وأخاه أبا العباس، وأعوانهما، ويقال إنه انتابه بعد ذلك حزن شديد وإنه اعتزل الناس.

وتروي بعض المصادر أن عبيد الله المهدي، لم يكن ينوي قتل أبي عبد الله الشيعي، وأنه أرسل القائد عروبة بن يوسف الكتامي، على رأس مجموعة من الجند وأوصاه أن يقبض على عبد الله الشيعي، وعلى أخيه، ليضعهما في سجن خاص أعده لهما بعد أن خاف من انقلابهما عليه، ولكن كان بين عروبة، وبين أبي العباس، عداوة قديمة، فانتهز الفرصة وقتله، فاندفع أبو عبد الله الشيعي لأجل أخيه فقُتل هو الآخر.

عين على مصر

لم تكن مصر مجهولة الأهمية والموقع يوما ما، وهذا ما جعل الخليفة عبيد الله المهدي، يشن 3 حملات لفتحها، وكانت الأولى عام 301هـ بقيادة حباسة بن يوسف الكتامي، الذي زحف إلى مصر باتجاه الإرسكندرية فاحتلها مع جزء كبير من الوجه البحري، فأرسل الخليفة العباسي المقتدر جيشا قوامه 40 ألفا بقيادة مؤنس الخادم، استطاع أن يهزم جيش الفاطميين والمدد الذي جاءه بقيادة القائم بأمر الله المهدي.

الحملة الثانية عام 307هـ كانت بقيادة القائم بأمر الله، وكانت أكثر عددا، ومحملة على الأسطول الفاطمي، فاستولت على الإسكندرية والجيزة والوجه البحري، لكن مؤنس الخادم، تصدى لها بـ60 ألف جندي بأمر الخليفة المقتدر فهزم الفاطميون مرة أخرى.

أما الحملة الثالثة، والتي كانت بقيادة حبشي بن أحمد الكتامي، فكانت الأكثر نجاحا إذ تمكنت من احتلال أكثر بلدان ومدن مصر، وخضع لها الشيوخ والزعماء، وبعد أن اطمأن الفاطميون عاد جزء من الجيش وبقي جزء آخر، فكان سهلا على الإخشيديين أن يبيدوه عندما قاموا بثورة ضد الفاطميين، لتعود مصر إلى حاضرة الخلافة العباسية من جديد.

البناء والعمران

سلك عبيد الله المهدي في سياسته الداخلية والخارجية في دولته الفاطمية الوليدة سياسة الخلفاء في دولهم الكبيرة، ولم يصرف اهتمامه إلى جانب دون الآخر، فلم تشغله الفتوحات عن الاقتصاد والصناعة والتعمير والعمران، واتخذ من “القيروان” عاصمة لخلافته حتى عام 303هـ، وهو العام الذي انتهى فيه من بناء مدينته وعاصمة خلافته الجديدة التي استمر في بنائها 6 أعوام وأطلق عليها “المهدية”، ولم تكن هي إسهامه العمراني الوحيد، بل أنشأ مدينة أخرى أطلق عليها اسم “زويلة” نسبة لإحدى قبائل البربر، وعمر فيها المساجد والأسواق، بالإضافة إلى اهتمامه بالعلم والتعليم وإصلاحه.

وفاته

مات الخليفة الفاطمي الأول عبيد الله المهدي، في قصره بمدينة “المهدية” عام 322هـ بعد أن أسس وحكم دولته ما يقرب من ربع قرن، وترك الأمر بعده لابنه وولي عهده القائم بأمر الله.

تتجلى عبقرية عبيد الله المهدي، في كونه فردا استطاع أن يبني دولة ويرسخ أركانها وأن يجعلها تلعب دورا مهما، فجهز جيوشا وبنى مدنا ونشر علما، مما يجعل إنكار التاريخ له وما قدمه نوعا من عدم الموضوعية، وتغييبا لمبدأ أن لكل شخص ما له وما عليه.

The post خلفاء الدولة الفاطمية في الميزان.. عبيد الله المهدي appeared first on البديل.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1591

Trending Articles