البديل
«باب النصر».. مدخل الجيوش العائدة من المعارك

في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي تبنت «البديل» حملة بعنوان «اعرف تاريخك»؛ لنشر الوعي حول الآثار المصرية في كثير من العصور التاريخية. وحديثنا اليوم عن «بوابة النصر»، التي تحمل رقم 7 كأثر، وتقع بشارع باب النصر بالجمالية.
سبب التسمية
يقول صلاح الناظر، الباحث الأثري الحر، سمي باب النصر بهذا الاسم لأنه الباب الذي تدخل منه الجيوش العائدة من المعارك بالنصر، وعبر منه سلاطين مصر العظام منهم الظاهر بيبرس وقلاوون والناصر محمد بن قلاوون بأسرى الأعداء.
نقش منشئ الباب
وأوضح أن باب النصر يتوج بشريط منقوش بالخط الكوفي، يسجل تاريخ إنشاء هذا الباب، وفيه اسما الخليفة المستنصر وأمير الجيوش أبو النجم بدر الدين، ونصه "بسملة.. بعز الله العزيز الجبار يحاط الإسلام وتنشأ المعاقل والأسوار.. أنشأ هذا باب العز والسور المحيط بالمعزية بالقاهرة المحروسة، حماها الله، فتى مولانا وسيدنا الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الأئمة الطاهرين وأبنائه الأكرمين السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري عضد الله بن الدين، وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين، وأدام قدرته، وأعلى كلمته، الذي حصنه الله بحسن تدبيره الدولة والأنام، وشمل صلاحه الخاص والعام، ابتغاء ثواب الله ورضوانه، وطلب فضله وإحسانه وصيانة كرسي الخلافة وازدلافًا إلى الله».
تاريخ الباب
وعن تاريخ بناء باب النصر قال الناظر "عندما أنشأ القائد جوهر الصقلي مدينة القاهرة، أراد أن يجعلها - بجانب كونها عاصمة للحكم - سكنًا للخليفة وأسرته وجنوده، ولم يكن من حق أحد غيره أن يدخلها إلا بعد أن يؤذن له. وعند بناء السور المحيط بها، تم بناء العديد من الأبواب، منها باب النصر، والذي أنشأه عام 840 هـ، ونقله فيما بعدُ الوزير بدر الدين الجمالي من مكانه الأصلي بجوار زاوية القاضي إلى مكانه الحالي".
وأضاف الناظر أن بدر الدين الجمالي أقام في الأسوار الجديدة، وأطلق على بوابة النصر اسم باب العز. وعلى الرغم من ذلك، فضل سكان القاهرة الاسم الأصلي "بوابة النصر"، والذي ما زال يُستخدَم إلى اليوم.
الحملة الفرنسية توسع فتحات السهام لاستعمالها للمدافع
وأكد الناظر أنه تم إدخال تعديلات جوهرية على باب النصر في عهد الحملة الفرنسية؛ لتوسيع فتحات السهام في حجرتي الدفاع، بحيث تصبح أكثر اتساعًا بالخارج من الداخل؛ لاستعمالها في الضرب بالمدافع بدلًا من السهام.
الوصف المعماري
وصف الناظر بوابة النصر بأنها تتكون من كتلة ضخمة من البناء، عرض واجهتها 24.22 مترًا، وعمقه 20 مترًا، وارتفاعه 25 مترًا، والبرجان يتكونان من مربعين نُقِشت عليهما في الحجر أشكال تمثل بعض آلات الحرب من سيوف وتروس، ويتوسط البرجين باب شاهق وُجِدت به فتحة من أعلاه، كي تصب منها المواد الكاوية على من يحاول اقتحام الباب.
وتابع "أما الباب الموصل لداخله فحديث العهد، وربما تم فتحه في عهد الاحتلال الفرنسي لمصر. أما الباب الأصلي فيقع في الركن القبلي الشرقي، وهو الآن مسدود بالبناء بين البرجين. أما الشرفات الصغيرة والمدخل فعبارة عن باب مستطيل الشكل، تعلوه حلية نصف دائرية من الحجر، نُقِشت على جانبيها من كل جهة درع وسيف، وتمتاز البوابة بالزخرفة على الجناحين وجبهات الأبراج، والتي ترمز إلى النصر في حماية المدينة ضد الغزاة، و تحتفظ البوابة بعناصر زخرفيه جميلة في عقدها الخارجي، تشتمل على زخارف نباتية وهندسية متنوعة، وتمثل مرحلة متطورة بالنسبة للزخارف الحجرية في العمارة الإسلامية".
السلم الحجري
وتابع الناظر أن السلم الحجري بباب النصر يقع على جانبي الأبراج من داخل السور، ويؤدي إلى حجرات الحرس والأبراج والسطح، وبُنِي بأسلوب يُعَدُّ الأول من نوعه في العمارة الإسلامية بمصر. ويصل بين باب الفتوح وباب النصر سور يصل بينهما بطريق وسراديب، وتتميز الحجرات الموجودة في هذه الأسوار بالإتقان، وتعطي فكرة جيدة عن الحصون في العصر الفاطمي، واستُخدِمت هذه الأسوار لحماية القاهرة من أي اعتداءات خارجية.
واختتم "يوجد في هذا السور الموصل بينهما مبخرة ضخمة على شكل مئذنة، وكانت تُستخدَم في الاحتفال بقدوم الجيوش منتصرة، أو مع قدوم الأمراء ودخولهم المدينة بإشعال كمية ضخمة من البخور".
The post «باب النصر».. مدخل الجيوش العائدة من المعارك appeared first on البديل.