البديل
جيش بريطاني جعلته المقاومة المصرية منسيا (مترجم)
في أكتوبر 1951 اندلعت مواجهة حامية بين الحكومتين المصرية والبريطانية بعد إعلان مصر إلغاء معاهدة 1936 الموقعة بين البلدين والتي منحت بريطانيا حق تمركز قواتها العسكرية بأعداد محددة في منطقة قناة السويس.
وردا على ذلك حشدت الحكومة البريطانية 60 ألف جندي في 10 أيام، في ما وصف بأنه أكبر جسر جوي من القوات منذ الحرب العالمية الثانية، وتم إعلان حالة الطوارئ في منطقة قناة السويس حتى عام 1954.
على مدار ثلاث سنوات، واجهت القوات البريطانية سيئة التدريب والتجهيز وضعا قاسيا ودمويا من أجل حماية المصالح البريطانية في صراع لم يرد هؤلاء المجندون أن يكونوا جزءا منه. وكانت هذه بداية النهاية للسيطرة الغربية على قناة السويس، والتي وصفت بأنها "حرب منسية خاضها جيش منسي".
على خط الجبهة دفاعا عن مصلحة بريطانيا الاستعمارية في مصر، يتحدث رجال مثل إيمانويل كلارك، الذي كان عمره 18 عاما عندما تم استدعاؤه للخدمة العسكرية الوطنية عام 1951، عن المعاناة التي خاضوها سواء بسبب الحكومة البريطانية التي أرسلتهم أو خلال المواجهة مع المصريين.
يذكر السيد كلارك أنه، الذي كان يعمل عامل بسيط في قرية فليتوود في لانكشاير، أنه بعد أسابيع فقط من استكمال تدريبه العسكري الأساسي، تم إرساله إلى مصر، قائلا "كان يجب على الجميع الذهاب".
في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية كانت الحكومة البريطانية تكافح للحفاظ على إمبراطوريتها الاستعمارية في مصر وخارجها. وتم النظر إلى رجال الخدمة الوطنية أن لهم دورا حاسما في الحفاظ على تلك الإمبراطورية.
بحلول الخمسينات، كان يجب على الذكور في بريطانيا الذين عمرهم بين 17 و 21 عاما قضاء عامين خدمة وطنية في القوات المسلحة، وصلت الأعداد إلى ما يقرب من مليوني جندي يؤدون الخدمة الوطنية بين عامي 1939 و 1960.
تم نشر هذه الأعداد في جميع أنحاء العالم لحماية المصالح الاقتصادية والاستراتيجية البريطانية ولم يكن هناك مكان أكثر أهمية لهذه المصالح من منطقة قناة السويس في مصر.
تم افتتاح قناة السويس عام 1869، وكانت تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، حيث قدمت لبريطانيا طريق شحن أقصر ليس فقط إلى إمبراطوريتها ولكن أيضا لحقول النفط الهامة جدا في الخليج العربي .
في عام 1936 تم التوقيع على معاهدة مع مصر وافقت بموجبها أن القوات البريطانية يمكن أن تبقى في البلاد ولكن تتركز في منطقة قناة السويس، وهي منطقة على امتداد طول الممر المائي.
يقول الكاتب والمؤرخ الإنجليزي، الدكتور كولن شنيدر، "بريطانيا كانت تحتاج مصر وقناة السويس بشكل حاسم للغاية ... إنها لم تكن ستتخلى عنها".
لكن القوميين المصريين كافحوا وطالبوا بإعادة النظر في المعاهدة والانسحاب الفوري لجميع القوات البريطانية.
في 16 أكتوبر 1951 اقتحم المصريون مخازن للجيش في الإسماعيلية. اندلعت اشتباكات بين البريطانيين والمصريين وتم طعن جندي بريطاني. كما هرع المتطوعون المصريون للانضمام إلى كتائب التحرير، وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية الجهاد ضد البريطانيين.
قال كلارك: "كان المصريون أفضل تجهيزا ويملكون أسلحة أفضل ... في الكثير من الحالات تجد نفسك وسط مظاهرة عندئذ شخص ما يفتح النار عليك".
وأضاف: "إذا ذهبت إلى كوريا أنت تعرف أين خط الجبهة ولكن في مصر لم تكن تعرف من هو العدو، لتعتقد في نهاية المطاف أن الجميع كانوا أعداءك". هذا النوع من الصراع وضع ضغط كبير على الشباب البريطانيين المجندين حديثا عديمي الخبرة.
يقول مايكل أوين، 85 عاما من مقاطعة تشيشر، شمال غرب انجلترا، "كان عمري 18 عاما عندما انضممت للجيش وأرسلونا إلى مصر للقتال بعد ثلاثة أشهر فقط من استكمال تدريبي العسكري الأساسي"،
ويضيف أوين، الذي انضم إلى الجيش كضابط نقل،: "كنت غير مدرب تماما وكان يجب أن أتعلم بسرعة كبيرة.. لقد كانت تجربة مخيفة جدا"، ويستكمل: "الوضع كان في حالة اضطراب، ولا أحد يعرف ماذا سيفعل الجيش المصري، ولكن كان من المهم بالنسبة لبريطانيا إبقاء قناة السويس مؤمنة".
في أكتوبر 1956، تم تأميم القناة من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، مما دفع إلى عمل عسكري من قبل إسرائيل وبريطانيا وفرنسا لاستعادة السيطرة الغربية - أزمة السويس. ومع ذلك، تم إجبارهم على الانسحاب.
خلال الفترة من 1951 إلى 1956 كانت هناك 450 حالة وفاة في صفوف القوات المسلحة البريطانية في المنطقة.
مع العيش في مخيمات ضخمة كانت الظروف بدائية جدا، قال السيد كلارك: "لم يكن هناك صرف صحي ... المزيد من الجنود كانوا يموتون من المرض أكثر من القتال."
وأثيرت ظروف معيشة هؤلاء المجندين البريطانيين من قبل النائبة باربرا كاسل، التي قالت للبرلمان: "رجالنا في منطقة القناة يعتبرون أنفسهم الجيش المنسي لعام 1954، حيث يجلسون كأنهم في معسكر اعتقال وراء الأسلاك الشائكة يتأملون في عبثية الوجود ويتساءلون ماذا يحدث لأسرهم".
بي بي سي
The post جيش بريطاني جعلته المقاومة المصرية منسيا (مترجم) appeared first on البديل.
