البديل
بروفايل| محمود تيمور.. صاحب أول قصة قصيرة في الأدب العربي

صاحب أول قصة قصيرة في تاريخ الأدب العربي، وكرس حياته للتراث العربي وفنون اللغة العربية، هكذا كانت مسيرة محمود أحمد تيمور، ابن الأديب أحمد تيمور باشا، وعمته الشاعرة عائشة التيمورية، حيث ترك إرثًا كبيرًا هي «مكتبة التيمورية» الموجودة حتى الآن بدار الكتب المصرية.
حي درب السعادة
داخل أحد أحياء مصر القديمة بدرب سعادة، الذي يجمع فئات مختلفة من الصناع والتجار وأرباب الحرف، ولد الكاتب محمود أحمد تيمور عام 1894، داخل أحد الأسر العريقة، فأبوه هو أحمد تيمور باشا أحد أبرز أقطاب الفكر في عصره، له العديد من المؤلفات الفريدة.
ساهمت نشأته في تشكيل شخصية تتمتع بالأصالة والشعبية، فتجد أن الحياة الشعبية البسيطة والشخصيات الحية التي رآها داخل درب السعادة، تحولت فيما بعد إلى كنز كبير ظهر في أعماله القصصية، لكن ليست فقط مصر القديمة هي من حفرت ذكريات داخل تيمور، حيث انتقلت أسرته فيما بعد إلى ضاحية عين شمس، لتنعكس طبيعتها الريفية الساحرة عليه أيضًا.
أزمات في حياة تيمور
التحق محمود تيمور بمدرسة الناصرية الابتدائية ثم انتقل إلى مدرسة الإلهامية الثانوية، لكن بسبب ظروف مرضه حصل على البكالوريا عن طريق المنزل، وسافر بعد ذلك إلى سويسرا لاستكمال علاجه، فلم يتم دراسته بمدرسة الزراعة العليا لإصابته بحمى التيفوئيد، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، وكان مرضه سببًا في تفرغه للقراءة والتأمل والتفكير، وانصرف تيمور إلى الفن القصصي وما يعالج من موضوعات شائكة فى ذلك الوقت.
وأثناء تواجده بسويسرا وجده في نفسه ميلًا إلى الأدب، واتيحت له فرصة الالتحاق بدراسات العاليا في الآداب الأوروبية، في درس الأدب الفرنسي والأدب الروسي، بالإضافة إلى سعة اطلاعه في الأدب العربي، واتسعت قراءاته لتشمل روائع الأدب العالمي لعدد من مشاهير الكتاب العالميين، مثل: «أنطون تشيكوف وإيفان تورجنيف وجي دي موباسان».
في عالم الأدب والإبداع
كان لمحمد شقيق الكاتب محمود درويش أثر كبير في تشكيل موهبته الأدبية، فكان مرشدًا له بما لديه من ثقافة واسعة بمجال الأدب، فنجد تأثر تيمور به ظهر في اتجاهه نحو المذهب الواقعي فى الكتابة القصصية، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد توفي محمد وهو في ريعان شبابه؛ فشعر محمود بانهيار آماله وفقد حماسه وأصابه اليأس، مع الوقت تقبل الوضع وعاد للحياة من جديد وسار على خطى أخيه وسلك طريق علم الأدب.
انكب الكاتب محمود تيمور على القراءة والاطلاع والبحث داخل مكتبة والده فازداد شغفه بالكتابة والتأليف، وكان له شغف خاص بالأديب المصري مصطفى لطفى المنفلوطي الذي غرس فيه نزعته الرومانسية، كما تأثر بعدد من الشعراء، خاصة شعراء المهجر وعلى رأسهم جبران خليل جبران، خاصة كتابه «الأجنحة المتكسرة» الذي كان له أثر كبير في وجدانه.
مكانته الأدبية
تمتع الكاتب محمود تيمور بمكانة كبيرة وسط الأدباء والنقاد، ونال اهتمام المحافل الأدبية ونوادي الأدب والجامعات بمصر والوطن العربي، بالإضافة إلى اهتمام الجامعات الأوربية أيضًا به، فأقبل عليه الأدباء والدارسون في مصر والعالم.
وشارك في العديد من المؤتمرات الأدبية منها «مؤتمر الأدباء في بيروت عام 1954، مؤتمر القلم ببيروت في العام ذاته، مؤتمر الدراسات الإسلامية في جامعة بشاور بباكستان، ومؤتمر الأدباء في دمشق».
أعماله
كتب أول قصة قصيرة عام 1919، بالعامية ثم أعاد كتابة قصصه العامية باللغة الفصحى، ونال إنتاجه القصصي جائزة «مجمع اللغة العربية» بمصر عام 1947، ثم أصبح عضوًا بالمجمع عام 1949، وتوالت أعماله الأدبية فيما يزيد على خمسين عملًا، ترجم بعضها إلى عدة لغات، وتدور أعماله حول قضايا عصرية وتراثية وتاريخية، فضلًا عن روايات استوحاها من رحلاته، مثل «أبو الهول يطير، المائة يوم، شمس وليل..».
ومن أعماله في القصة القصيرة: «أبو علي الفنان، زامر الحي، فلب غانية، فرعون الصغير، مكتوب على الجبين، شفاه غليظة، 1946 إحسان لله، كل عام وأنتم بخير..»، فى الرواية «نداء المجهول، سلوى في مهب الريح، المصابيح اللزر»، وفي المسرح: «عوالي، سهاد أو اللحن التائه، اليوم خمر، حواء خالدة، صقر قريش» وغيرها.
يذكر أن جريدة الفجر في عام 1925، نشرت له قصة «الأسطى حسن يُطالب بأجرته»، وكتبت تحت العنوان «بقلم صاحب العزة: محمود تيمور، موباسان مصر».
الجوائز
حصل على جائزة الدولة للآداب عام 1950، وجائزة واصف غالي بباريس عام 1951، ومُنِح جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1963، من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، كما كرمته جامعات روسيا والمجر وأمريكا في أكثر من مناسبة، ومات في لوزان بسويسرا عام 1973، ونقل جثمانه إلى القاهرة.
The post بروفايل| محمود تيمور.. صاحب أول قصة قصيرة في الأدب العربي appeared first on البديل.