البديل
«سايكس وبيكو».. جوانب من حياة أصحاب اتفاقية تمزيق العرب

صاحب ذكر اسم اتفاقية سايكس بيكو، التي وقعت في 16 مايو عام 1916، شعور بالأسى والحسرة في وجدان كل عربي؛ بسبب ما أحدثته الاتفاقية من تمزيق للشمل العربي وتحويل دوله إلى قوى صغيرة ينهش فيها الاستعمار بشتى أشكاله حتى اليوم.
تضمنت الاتفاقية تحديد نفوذ كل دولة من إنجلترا وفرنسا ورسيا في المنطقة العربية، حيث تستولى فرنسا على غرب سوريا ولبنان وولاية أضنة، أما بريطانيا فيكون من نصيبها منطقة جنوب ووسط العراق بما فيها مدينة بغداد، وكذلك ميناء عكا وحيفا في فلسطين، في حين تسيطر روسيا على الولايات الأرمنية في تركيا وشمال كردستان، إضافة إلى امتلاكها حق الدفاع عن مصالح الأرثوذكس بالأماكن المقدسة في فلسطين، وسيخضع الجزء المتبقي من فلسطين لإدارة دولية بينما يصبح ميناء الإسكندرونة حرًا.
أما المنطقة المحصورة بين الأقاليم التي ستسيطر عليها فرنسا وإنجلترا، فتكون في شكل اتحاد دول عربية أو دول عربية موحدة، وستقسم هذه الدولة أيضًا إلى مناطق نفوذ فرنسية وتشمل شرق بلاد الشام وولاية الموصل، ومناطق نفوذ بريطانية وتشمل شرق الأردن والجزء الشمالي من ولاية بغداد وحتى الحدود الإيرانية.
ونكشف بعض المعلومات عن الشخصيتين اللتين لعبتا دورًا مهمًا في تنفيذ مخطط التآمر على العرب، وساهمتا أيضًا في إصدر وعد بلفور عام 1917 الذي أعطت للكيان الصهيوني الحق في وطن غير شرعي على أرض فلسطين.
سايكس
ولد الرحالة الإنجليزي مارك سايكس، في 16 مارس عام 1879، بلندن وتلقَّى تعليمه في موناكو وبروكسل وكمبردج، وخدم في الجيش البريطاني لوقت ليس بالقصير في جنوب إفريقيا، وانتقل بعدها إلى سوريا والعراق، كما عين ملحقًا فخريًا للسفارة البريطانية في إسطنبول، الأمر الذي أكسبه خبرة كبيرة عن العرب.
انتمى إلى حزب المحافظين، وكان على دراية كبيرة بشؤون الشرق الأوسط، ما أهله إلى أن يعمل مستشارًا في هذا الشأن لدى وزارة الحرب البريطانية، حيث كانت لديه قدرة هائلة جدًا على التأثير في صنع القرار البريطاني المتعلق بالشرق الأوسط نظرًا لعنصر خبرته الرهيب، فضلًا عن أنه لعب دورًا كبيرًا في إصدار وعد بلفور الذي سمح لليهود بإنشاء وطن لهم على أرض فلسطين.
رحل مارك سايكس في 16 فبراير عام 1919 عن عمر 39 عامًا، عقب إصابته بوباء الإنفلونزا الإسبانية، ونقلت رفاته إلى سلدمير ليتم دفنه في مقابر العائلة، وبعد مرور مايقرب من الـ90 عامًا على وفاته وتحديًا عام 2008، وافق أحفاده على نبش قبره من أجل السماح للعلماء للوصول إلى طرق مختلفة لمعالجة مرض الإنفلونزا؛ خاصة أنه مدفون في تابوت من الرصاص.
بيكو
ولد فرانسوا جورج بيكو في باريس 21 ديسمبر1870، وحصل على شهادة البكالوريوس في القانون وعمل فترة محاميًا بمحكمة استئناف فرنسا، ثم اتجه بعدها إلى العمل السلك الدبلوماسي وكان ذلك عام 1895.
كان عضوًا في "الحزب الاستعماري" الفرنسي الذي ضم بين أعضائه عددا من أصحاب الآراء الفكرية والسياسية المختلفة التي كان هدفها الأسمى الضغط السياسي على حكومة فرنسا لزيادة رقعة توسعها الاستعماري.
وعمل قنصلًا لفرنسا في الصين لعدة سنوات، وعين في منصب قنصل فرنسا العام ببيروت قبل اندلاع الحرب العالمية، كما عُين مفوضًا ساميًا في فلسطين وسوريا في الفترة من "1917-1919"، وكان على اقتناع كبير بضرورة إنشاء سوريا الكبرى التي تضم كلا من لبنان ومناطق من العراق حتى الموصل.
مثّل الجانب الفرنسي أثناء توقيع الاتفاقية، وله صلة قرابة للرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان، ورحل في 20 يونيو 1951 عن عمر ناهز الـ81 عامًا.
The post «سايكس وبيكو».. جوانب من حياة أصحاب اتفاقية تمزيق العرب appeared first on البديل.