Quantcast
Channel: ثقافات –البديل
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1591

كيف واجه حكام مصر موجات الغلاء؟

$
0
0

البديل
كيف واجه حكام مصر موجات الغلاء؟

كيف واجه حكام مصر موجات الغلاء؟

لم تكن هذه المرة هي المرة الأولى في تاريخ مصر التي ترتفع فيها الأسعار بهذه الطريقة الجنونية، بل حدث ذلك كثيرا في مصر قبل الإسلام وبعده، ومن ثم علينا أن نغير نظرتنا للأمور، لأن الأمر لو توقف على الغلاء فقط لكان أهون ـ رغم ما نلقاه من عناء ـ ولكنَّ الغلاء هو نقطة الانطلاق للهلاك الفعلي للشعوب.

نستعرض في هذا التقرير أبرز الفترات التي ارتفعت فيها الأسعار، والمحن التي مر بها الشعب المصري، وما آلت إليه الأمور جراء ارتفاعها.

الغلاء الذي وقع في زمن الحاكم

وقع غلاء في عهد الخليفة الحاكم ووزيره أبي محمد الحسن بن عمار، وكان ذلك في سنة 387هـ ويقال إن سبب هذا الغلاء هو قصور النيل، وهذا ولا شك أول ما يتبادر إلى الذهن، ولكن ارتفاع الأسعار لا يعود بالشكل المطلق إلى نقص منسوب النيل فحسب، بل الأمر الأكثر ضررا هو احتكار طائفة من الناس للسلع فتحجب عن الأسواق ويزداد سعرها، وهذا ما حدث في عهد الحاكم بأمر الله حين ارتفعت الأسعار حتي طلب القمح فلم يُقدر عليه، فاشتد خوف الناس وبدأ الأمر يزداد سوء عام بعد عام، فأُمر بجمع عدد من الطحانين والخبازين وضُربوا بالسياط، حتى يظهروا ما لديهم من غلال ويتوفر الخبر في الأسواق، استمرت هذه المجاعة حتى سنة 399هـ ووصل الأمر لدرجة كبيرة من السوء والانحطاط، فاجتمع الناس بين القصرين، واستغاثوا بالحاكم، الذي عندما أراد حل الأزمة وعلم أنها ستطيح به تصرف وانهى الأمر، وذلك عندما خرج بحماره من باب البحر ووقف قائلا: "أنا ماض إلى جامع رشدة، فأقسم بالله لئن عدت فوجدت في الطريق موضعا يطؤه حماري مكشوفا من الغلة، لأضربن رقبة كل من يقال لي أنه عنده شيئا منها،ولأحرقن داره ولأنهبن ماله.. " ثم ذهب ومكث إلى آخر النهار، فيقول المقريزي في ذلك: "فما بقي أحمد من أهل مصر والقاهرة وعنده غلة حتى حملها من بيته وشونها في الطرقات، حيث بلغة أجرة الحمار في النقلة الواحدة دينارا.. ".

hrsttgerrt
من ثم استطاع الحاكم حل أزمته، بل لم يكتف بهذا الأمر، زاد عليه بأن خير أصحاب الغلال في أن يبيعوا بالسعر الذي يقرره، وبين أن يمنعهم فيختم على غلالهم ولا يمكنهم بيعها، فأجابوا قوله، فانحل الأمر ورفع الضرر بفضل الله ثم حنكة الحاكم.

غلاء في زمن المستنصر

تغير الأمر في زمن المستنصر الخليفة الفاطمي، حيث بلغ الغلاء مبلغا عظيما لم يصل إليه من قبل، وهو ما عرف في التاريخ بالشدة المستنصرية، ومن الجدير ذكره أن الشدة المستنصرية هذه كانت نتيجة لغلاء ثان في عهده، حيث كان الغلاء الأول في عام 444هـ وألصق سببه لقصور النيل أيضا، ثم لخلو المخازن من الغلال، ولكن تم القضاء على هذا الغلاء قبل أن يفحش كما حدث في الشدي المستنصرية التي وقعت عام 457هـ، والذي استمر سبع سنوات، ذهب الغلاء هذه المرة بالشعب المصري إلى أفحش وأبشع النتائج، وكان سببه ضعف السلطة واختلال أحوال المملكة، واستيلاء الأمراء عليها، وكثرة الفتن.

إذن تزايد الغلاء ثم أتبعه وباء، فتعطلت الأرض من الزراعة، وتمكن الخوف من قلوب العامة، فكان لا يُستطاع السير إلا بالخفراء، واستولى الجوع حتى بيع رغيف خبز في نداء كمزاد، وبيع الأردب من القمح بثمانين دينارا وهو ما لم يحدث من قبل، وأُكلت القطط والكلاب حتى قلت الكلاب وكما قال المقريزي بيع كلب ليؤكل ببخمسة دنانير، بل وزاد الأمر إلى أن أكل الناس بعضهم بعضا، ووصل الحال بالخليفة المستنصر إلى أن باع أثاث بيته وثيابه وسلاحه وحلي أبائه الموتى حتى أنه كان يجلس على حصير، وكانت نساء القصر يخرجن ناشرات شعورهن يردن السير للعراق ويصحن " الجوع، الجوع" وإذا ما أردن السير يموتن جوعا.

hsfgerr

ضاق الناس بالأمر، ولما تحركوا فرج الكرب، وذلك من خلال السيدة صاحبة العقد التي يقال أنها كانت من أسرة ثرية، خرجت بعقدها لتبيعه وتأخذ عوضا عنه دقيقا، فلم يقبله منها أحد، إلى أن أخذ منها في النهاية وأخذت عوضا عنه دقيقا، حمله لها الحمال وأخذ جرء وبعد أن تسلمته منه على باب زويلة انتهب منها، فلم يبق لها سوى ملئ يدها فصنعة منه قرصة ثم أشهرتها عالية وهي واقفة على مكلن مرتفع ثم قالت: "يا أهل مصر ادعوا لمولانا المسنتصر، الذي أسعد الله الناس بأيامه، وأعاد عليهم بركات حسن نظره، حتى تقوت على هذه القرصة بألف دينار.. ".

هنا وجاء الخلاص ومن خلال الحاكم نفسه، الذي أرسل لوزيرة وتهدده بضرب رقبته إن لم يظهر الخبز في الاسواق، فذهب الوزير للخبازين ومحتكرين الغلال وتوعدهم بما توعد به، فأظهروا ما كانوا يحتكرونه وانفرجة الأزمة بفضل الله ثم تحرك الحاكم.

غلاء في زمن السلطان العادل الأيوبي

في عام 596هـ وقع غلاء شنيع في زمن السلطان العادل أبي بكر بن أيوب، وقيل إن سببه أيضا نقص منسوب النيل، لما ارتفع الغلاء وأصح الناس لا يستطيعون مسايرته في القرى، ذهبوا إلى المدن من جوعهم، فتمادى بهم الأمر حتى أكل الناس صغار بني آدم، فيقول المقريزي: "كان الأب يأكل ابنه مشويا ومطبوخا، والمرأة تأكل ولدها، فعوقب جماعة بسبب ذلك.. "
تطور الأمر حتى صار غذاء الكثير من الناس لحوم بني آدم بحيث ألفوه، ظل الأمر كذلك إلى أن كثرت الأوبئة ومات الكثير من الناس، فتعطلت المصانع وتلاشت الأحوال، وبارت الأرض، حتى عندما جاء النيل مرة أخرى لم يكن هناك من العامة من يزرع ويفلح، فذهب الجند بغلمانهم يفعلون ذلك.

gtewrteqreer

والأمر الأكثر غرابة في هذه الفترة أن سوء إدارة البلاد خلق الكثير ممن يحتكرون كل شيء ولا سيما الغلال فوقعت المجاعات، وظهر ذلك عندما حل الرخاء مرة أخرى وأراد المحتكرون إخراج غلالهم فوجدوها قد ساست كلها، ولم ينتفع بها.

The post كيف واجه حكام مصر موجات الغلاء؟ appeared first on البديل.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1591

Trending Articles