البديل
وداعًا الشيخ غلوش.. الموت يُغيّب كروان الإذاعة المصرية

ودعت محافظة الغربية الشيح راغب مصطفى غلوش، الذى وافته المنية الخميس الماضي، ودفن فى مقابر العائلة بقرية برما، بمشاركة الآلاف من محبيه، لتطوي صفحة مدرسة مميزة وصوتا عزبا في تلاوة القرآن، طالما أمتع مستمعيه على مدار عشرات السنوات.
يعد الشيخ غلوش أحد مشاهير القراء فى العالم الإسلامي، وصاحب تاريخ حافل فى خدمة كتاب الله والإخلاص فى قراءته، وامتع عشاقه فى كل مكان، حتى لقب بكروان الإذاعة وملك الخشوع.
ولد الشيخ يوم 5 يوليو 1938 م بقرية برما مركز طنطا بمحافظة الغربية، أراد والده أن يلحقه بالتعليم الأساسي ليكون موظفا كبيرا، وكانت الكتاتيب كثيرة بالقرية والإقبال عليها ملحوظ وملموس، وكان الناس في ذلك الوقت يهتمون بتحفيظ أبنائهم القرآن ليكونوا علماء بالأزهر الشريف، ولأن كلمة «عالم» لا تطلق في نظرهم إلا على رجل الدين، طالب أحد أقارب الشيخ من والده بأن يسلمه لأحد المشايخ المحفظين، ووافق على الفكرة، لتعلن الموهبة عن نفسها، فأصبح الطفل الصغير ابن الثامنة حديث أهل القرية.
وفى الرابعة عشرة من عمره، ذاع صيته بالقرى المجاورة حتى وصلت مدينة طنطا معقل العلماء، وتوالت إليه الدعوات في شهر رمضان عام 1953 بقرية محلة القصب في محافظة كفر الشيخ، وهو ابن الـ15 سنة، وكانت المهمة شديدة الصعوبة في البداية، فكيف يحتل المكانة المرموقة وسط جو يموج بمنافسات ضارية بين جهابذة تربعوا على عرش التلاوة في هذه البقعة بوسط الدلتا والوجه البحري، في ظل وجود عمالقة التلاوة كالشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ محمود خليل الحصري؟.
لم يعبأ القارئ الشاب والفتى الطموح بما يسمع وما يرى من احتدام المنافسة، فكان لزاما عليه أن يبحث عن العوامل التي تساعده للوقوف على أرض صلبة وقواعد متينة من خلالها يستطيع أن يلبي دعوة ربما يصادفه فيها واحد من هؤلاء، ففطن إلى أن المجد لا يقبل من تلقاء نفسه، إنما يجب على طالبه أن يسعى إليه بالجهد والعرق والمثابرة، فبحث عن شيخ متخصص في علوم القرآن لينهل منه علمي التجويد والقراءات، فاتجه إلى قبلة العلم القرآني بمدينة طنطنا والتحق بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي، وتوّلاه بالرعاية المرحوم الشيخ إبراهيم الطبليهي، الذي علمه التجويد والأحكام السليمة وقراءة ورش وأهله لأن يكون قارئا للقرآن كل يوم بالمسجد الأحمدي، خاصة بين أذان العصر والإقامة، فالتف الكثيرون من حوله حتى دخل قلوب الكثير من الناس.
وفي مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، بدأ ينطلق إلى ما كان يحلم به وتعرف على كبار المسؤولين بالدولة وتقرب منهم وشجعوه على القراءة أمام الجماهير، وكانوا سببا قويا في كثير من الدعوات التي وجهت إليه لإحياء مآتم كثيرة بالقاهرة، زامل فيها مشاهير القراء بالإذاعة، أمثال المشايخ مصطفى إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد ومحمود خليل الحصري وغيرهم من مشاهير القراء، حتى التحق بإذاعة القرآن الكريم على يد محمد أمين حماد، مدير الإذاعة المصرية آنذاك.
سافر الشيخ راغب إلى معظم دول العالم، خاصة في شهر رمضان على مدار 30 عاما متتالية، ووجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية، وخاصة في الكويت والإمارات والسعودية، وفي السنوات الأخيرة، فضل البقاء في مصر في شهر رمضان المبارك، وللشيخ راغب تسجيلا مرتلا يذاع بإذاعات دول الخليج العربي، وظل يتلو قرآن الفجر مرة كل شهر بأشهر مساجد مصر على الهواء مباشرة، بالإضافة إلى تلاوته يوم الجمعة والمناسبات الدينية عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون، حتى وافته المنية الخميس الماضى، عن عمر يناهز 77 سنة، بعد مرض نقل إثره إلى أحد المستشفيات.
The post وداعًا الشيخ غلوش.. الموت يُغيّب كروان الإذاعة المصرية appeared first on البديل.