البديل
في ذكرى رحيل عبد الرحمن الخميسي.. دار الأوبرا تسطو على أعماله
في الذكرى 31 على رحيل الأديب عبد الرحمن الخميسي، تكافئه دار الأوبرا المصرية بعرض أوبريت “الأرملة الطروب” دون ذكر اسمه، بشكل متكرر طوال عشر سنوات ماضية.
وعبد الرحمن الخميسي كان بمثابة أكاديمية فنون متنقلة، موهبة مشتعلة مارست جميع أشكال الأدب من الشعر، والكتابة المسرحية، والقصة، والمقال الصحفي، والأغنية، بل يعد صانعا للنجوم؛ فهو مكتشف الفنانة سعاد حسني، وشمس البارودي، وأهدى الأدب موهبة القاص القدير يوسف أدريس.
وُلد الخميسي لأب ريفي في قرية منية النصر بالدقهلية وأم حضرية من بورسعيد، في 13 نوفمبر 1920، وعاش مع والدته، فلما بلغ السادسة كفله أبوه والتحق بالمدرسة الابتدائية بالزرقا، ثم الثانوية بالمنصورة، ثم هبط إلى القاهرة في 1937، ليبدأ رحلة إبداعاته.
وقال نجل الأديب الراحل الدكتور أحمد الخميسي، الناقد الأدبي والقاص، إن الأوبريت عُرض على مسرح دار الأوبرا القديمة عام 1961 من تعريب وتأليف عبد الرحمن الخميسي وتمثيل رتيبة الحفني، ونوال أبو الفتوح، وحسين رياض، والمغني الأوبرالي كنعان وصفي، وحظى الأوبريت بدعم من وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة، حتى كان يحضر بروفاته باستمرار.
وأضاف أحمد الخميسي لـ”البديل”، أن الأوبريت أثار ضجة فنية كبيرة أثناء عرضه الأول؛ لأنه لم يكن مجرد أوبريت مترجم عن نص غربي، بل لنجاح عبد الرحمن الخميسي في تعريب النص بطريقة تتلاءم مع الموسيقى واللحن الأصلي النمساوي، وكانت تجربة أولى في تاريخ المسرح المصري كله.
وأوضح الخميسي أنه التقى برئيس دار الأوبرا المصرية، الدكتور صابر مجدي؛ ليناقشه فيما حدث، لكنه فوجئ برد وصفه بالجهل والعار على دار الأوبرا أن يرأسها مدير يطالبه بإثبات أن أوبريت الأرملة الطروب من تأليف عبد الرحمن الخميسي!
وتابع ابن الأديب الراحل، أن الأوبريت تم تسجيله من جانب التليفزيون المصري آنذاك، ومكتوب على التتر تعريبعبد الرحمن الخميسي، فضلا عن الكتابات النقدية الكثيرة عن العرض، ومنها مقال للدكتور محمد مندرو، وفرج العنتري، ومنشور نص الأوبريت بأسماء صناعه في مجلة “المجلة ” عام 1961، وأخيرا حوار منشور في صباح الخير لصلاح جاهين مع أم كلثوم، يسألها فيه عن الأوبريت بصفته حدث ثقافي جديد وذهبت لمشاهدته.
ويرى الخميسي أن مطالب رئيس دار الأوبرا بإثبات أن الأوبريت من تأليف عبد الرحمن الخميسي، محاولة للتغطية على السرقة الأدبية والمادية التي ارتكبتها دار الأوبرا خلال كل السنوات الماضية، متسائلا: كيف تسمح بعرض أوبريت دون اسم مؤلف، هل وجدت العمل لقيطا على أبوابها؟ بل تتمادى في الجريمة بعدم ذكر أي معلومة في برنامج أوبريت فبراير 2018، أنه قدم عام 1961، وكأن “الأرملة الطروب” يعرض لأول مرة.
وأكد نجل الأديب الراحل، أن ما حدث ليس اعتداء على اسم عبد الرحمن الخميسي، بل على تاريخ الثقافة المصرية؛ لأن إنكار حق القامات الفنية التي قدمت العمل منذ 50 سنة، تشويه لتاريخ المسرح المصري، مضيفا أن والده لم ينل تكريما واحدا من الدولة أو أي جائزة، في حين قدم للثقافة الكثير من النجوم والكتاب مثل اكتشافه سعاد حسني، والأديب يوسف إدريس، وقضى 50 عاما في العمل الصحفي، ولم يحصل على معاش استثنائي أو عادي، متسائلا: هل يكون تكريمه الآن بسرقة وزارة الثقافة حقه الأدبي وحذف اسمه عن أول أوبريت مسرحي مصري؟
وعن موقف وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، قال إنها تعلم بالأزمة ولم تتخذ موقفا حتى الآن، وإنه اتصل بمكتبها وترك بياناته أثناء سفرها لافتتاح مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، ولم تعاود الاتصال به حتى الآن، مؤكدا أن ورثة الكاتب عبد الرحمن الخميسي، سوف يلجأون للقضاء خلال الأيام المقبلة ضد وزارة الثقافة؛ لإعادة الحقوق الأدبية والمادية لوالدهم.
و”الأرملة الطروب” أوبريت للمؤلف الموسيقي النمساوي المجري، فرانز لهار الليبرتو، كتبه ڤيكتور ليون وليو شتاين، مقتبس من قصة تدور حول أرملة ثرية، ومحاولة أبناء بلدتها الاستيلاء على أموالها عن طريق تزويجها، في مسرحية كوميدية عام 1861، وعرب النص الكاتب عبد الرحمن الخميسي.
ويعد “الأرملة الطروب” أول عمل أوبرالي يقدم في مصر باللغة العربية في الستينيات، في دار الأوبرا القديمة، عندما قامت ببطولتها مغنية الأوبرا السوپرانو، رتيبة الحفني، في 2007، عرضته الأوبرا، مقدما بعض مقاطعه تمثيلاً؛ أي تقدم كلاما غير مغنى، والباقي يتم تقديمه من خلال الغناء، من إخراج رئيس دار الأوبرا السابق، عبد المنعم كامل، وساعده جيهان مرسي، أما قيادة الأوركسترا، كانت للمايسترو نادر العباسي.
إسهاماته
ظهرت خلال سنوات ما قبل ثورة 52 مجموعاته القصصية التي صورت طموح المجتمع المصري وخاصة الطبقات الفقيرة إلى عالم جديد وعندما قامت ثورة يوليو، وأغلقت صحيفة المصري اعتقل من يونيه 1953 حتى منتصف ديسمبر 1956 نظرا لموقفه الداعي للتمسك بالحياة الحزبية وارتباطه بلجنة الفنانين اليسارية، وبعد الإفراج عنه التحق بجريدة الجمهورية ثم تم نقله لاحقا مع مجموعة من الكتاب لوزارات مختلفة ونقل هو لوزارة التموين.
وأسس فرقة مسرحية باسمه في 21 مارس 1958 بشارع الجمهورية رقم 5 قسم عابدين، وكتب وأخرج أعمالا لها، ومثل فيها وجاب بها المحافظات، كما كتب للإذاعة عدة مسلسلات لاقت نجاحا خاصا أشهرها حسن ونعيمة، التي تحولت لفيلم ثم اتجه لتعريب الأوبريتات فى تجربة كانت الأولى بتاريخ المسرح الغنائي، خاصة أوبريت «الأرملة الطروب» وألف العديد من الأوبريتات المصرية.
وترك الخميسي 5 دواوين شعرية؛ وهي “أشواق إنسان”، و”دموع ونيران”، و”ديوان الخميسي” في عام 1967، و”ديوان الحب” في عام 1969، و”مصر الحب والثورة” عام 1980.
وقدم الخميسي للسينما أربعة أفلام شارك في وضع قصصها وسيناريوهاتها وألف الموسيقى التصويرية لبعضها، مثل فيلم “الجزاء” 1965 بطولة شمس البارودي وحسين الشربيني، و”عائلات محترمة” عام 1968 حسن يوسف وناهد شريف، و”زهرة البنفسج” عام 1972 بطولة زبيدة ثروت عادل إمام.
كما قدم كتاب “الفن الذي نريده”، عن الدار المصرية عام 1966، وكتاب “مناخوليا.. محاورات ونظرات في الفن”، وكتاب “المكافحون” وهو سير لحياة العظام مثل، عبد الله النديم، وغيره صدر عن مطبوعات المصري في سبتمبر 1951.
لينك فيديو الاوبريت ” الأرملة الطروب ” تسجيل ماسبيرو زمان يجمع كل بيانات صناع العمل الفني
The post في ذكرى رحيل عبد الرحمن الخميسي.. دار الأوبرا تسطو على أعماله appeared first on البديل.