البديل
في ذكرى غزوة بني النضير.. شتان بين العزة والخنوع
في مثل هذه الأيام من شهر ربيع الأول في السنة الرابعة من الهجرة تحل علينا ذكرى غزوة بني النضير، تلك الغزوة التي كان من أسبابها الرئيسية غدر اليهود بالمسلمين وتحالفهم مع أعداء المسلمين؛ من أجل القضاء على دولة المسلمين الناشئة بقتل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وتشاء الأقدار أن تأتي ذكرى هذه الغزوة في وقت استولى فيه اليهود على القدس، واعتبروها عاصمة لهم، بمباركة من رئيس أمريكا ترامب، في ظل خنوع كبير من العرب وحكامهم وردة فعل واهنة على هذا القرار.
قصة الغزوة
قصة الغزوة رصدتها سورة الحشر، والتي بدأت أحداثها عندما ذهب نبي الإسلام إلى بني النضير القابعين في المدينة والبالغ عددهم 1500 شخص؛ لطلب دية قتيلين، فتآمروا على قتله بأن يقوم أحدهم بإلقاء حجر من فوق أحد الأسوار على الرسول حيث يجلس؛ ليقضي عليه، فتنهار دولة الإسلام برحيل قائدها.
في هذه الغزوة تحالف المشركون والمنافقون مع اليهود؛ للقضاء على دولة المسلمين، فقد اجتمع اليهود وقالوا: “أيكم يأخذ هذه الرحى، فيصعد بها فيلقيها على رأس محمد، فيشدخ بها رأسه؟ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش: أنا، فقال لهم سلام بن مشكم: لا تفعلوا، فوالله ليُخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه”.
أحداثها
لما جلس النبي بجوار بيت من بيوتهم مع أبي بكر وعمر وعلي، صعد المجرم إلى سطح المنزل لينفذ فعلته المشؤومة، لكنّ الله أرسل جبريل إلى رسول الله، فأخبره بمكيدة اليهود، فنهض النبي مسرعًا، وتوجه إلى المدينة، وهناك أرسل إلى اليهود من يقول لهم “اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم عشرًا، فمن وجدته بعد ذلك منكم ضربت عنقه”.
قرر اليهود الخروج، لكن رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بعث إليهم أن يثبتوا ولا يخرجوا من ديارهم، وأن معه ألفي رجل سيتحصنون معهم ويدافعون عنهم، وهنا تقول الآية الكريمة “ألم ترَ إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون”، فازدادت شوكة اليهود، وقال كبيرهم للرسول حيي بن أخطب إنهم لن يخرجوا من يارهم.
خرج الرسول لحصارهم بعدما عرف جوابهم، فلما وصل إليهم، فرض عليهم الحصار، فلجؤوا إلى حصونهم، حيث كانت نخيلهم وبساتينهم عونًا لهم في ذلك، فأمر الرسول بحرقها. ولما رأى المنافقون جدية الأمر، تراجعوا عن نصرة اليهود.
وبعد ست ليال من الحصار قذف الله الرعب في قلوب اليهود، فأخبروا النبي محمد بموافقتهم على ترك المدينة، فواق على أن يخرجوا بنفوسهم وأولادهم وما تحمله بعيرهم، وأن يتركوا سلاحهم، فوافقوا، ولحقدهم على المسلمين خربوا بيوتهم بأيديهم؛ حتى لا يفوز بها المسلمون، ثم حملوا النساء والصبيان على ستمائة بعير، وأسلم منهم رجلان فقط، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، حيث تقول الآية الكريمة “يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار”.
السطو على القدس
واليوم بعد مرور أكثر من 1400 سنة من الهجرة اتخذ اليهود من القدس عاصمة لهم، في ظل تخاذل عربي كبير وصمت لا يليق بالموقف، ليخرج علينا رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ويصف قرار ترامب بأنه “تاريخي وشجاع وعادل”، ويواصل غطرسته “هذا القرار يعد خطوة مهمة فيما يتعلق بالتوصل إلى السلام؛ لأنه لن يكون هناك سلام إذا لم يعترف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل”، وعقب القرار كان رد فعل بعض الدول العربية بيانات إدانة واجتماعًا قيل إنه طارئ للجامعة العربية، يعقد غدًا، أي بعد الحدث بيومين، سينتهي هو الآخر ببيان إدانة، مع أن وسائل الرد على ما حدث متاحة وكثيرة، منها سحب السفراء وقطع العلاقات، إضافة إلى العمل الأكبر، وهو الضغط الاقتصادي على أمريكا بسحب وتقليص الاستثمارات في عالم لا يعترف إلا بلغة المال وقوة الاقتصاد، لكن حتى اللحظة لا يزال العرب يتمسكون ببيانات الإدانة والاستنكار.
The post في ذكرى غزوة بني النضير.. شتان بين العزة والخنوع appeared first on البديل.