البديل
في عيدهم.. تعرف علي معاناة «الأب الروحي» للأثريين

لم يكن للأثريين المصريين دوراً واضحاً وفعالاً قبل ظهور الأب الروحي لهم أول عالم وباحث مصريات وأول مؤرخ عربي يكتب في تاريخ مصر وحضارتها القديمة كتابة علمية سليمة، ولد بالقاهرة في 29 يونيو 1851م أنه أحمد كمال باشا الذي تخرج من مدرسة اللسان المصري القديم، وهي المدرسة التي أنشأها العالم الألماني «بروكش» لدراسة الآثار واللغة المصرية القديمة والحبشية والقبطية وأتقن اللغة الفرنسية والألمانية والإنجليزية، بالإضافة إلي التاريخ المصري القديم.
وبتعيين أوجست مارييت، الفرنسي مديرًا للآثار المصرية عام 1858احتكرت الجالية الفرنسية العمل بمصلحة الآثار المصرية، وعملت على استبعاد المصريين ورفضوا حصولهم على وظائف بمصلحة الآثار المصرية، بالإضافة إلي إصدار «مارييت» أوامره بإغلاق مدرسة تعليم الآثار المصرية في وجه المصريين فقط، وفتح أبوابها لغير المصريين وهم الأوربيين المقيمين في مصر.
بعد تخرج أحمد كمال في المدرسة كان من المفترض أن يعمل بمصلحة الآثار، ولكن أوامر«مارييت» حالت دون ذلك، فعمل بوزارة المعارف معلما للغة الألمانية بإحدى المدارس الأميرية بالقاهرة، ثم تركها وعمل مترجما للغة الفرنسية في وزارة المالية، ولكن شغفه بالآثار جعله يترك تلك الوظيفة عندما حانت أول فرصة للعمل بمصلحة الآثار، والتحق في وظيفة كاتب بعد أن أظهر عدم معرفته بالآثار، ثم شغل وظيفة مترجم ومعلم للغات القديمة بالمتحف المصري.
ومع هذا الاحتكار والتعنت ضد المصريين طالبوا بمقابلة الخديوي إسماعيل والتظاهر إلى أن وافق الخديويِ عام 1873 على تعيين أحمد كمال في وظيفة أمين مساعد بالمتحف المصري بعد تمكنه من الفوز بها فكان أول مصري يتقلد هذا المنصب، وبعد وفاة الفرنسي «مارييت» في عام 1881، وتعيين «ماسبيرو» مديرًا لمصلحة الآثار التاريخية لم يتغير شيء بشأن الإدارة الفرنسية، بل ظل النظام العنصري؛ مما أدى إلى ثورة المصريين العاملين في الآثار ضده، وساعدهم في ذلك الأحزاب الوطنية، خاصة غير المعلنة, التي كانت تعمل في إطار تشكيل وطني سرى للتخلص من الأجانب.
وكان أحمد كمال باشا يقوم بجهوده في التنقيب عن الآثار وتخريج جيل من الأثريين والباحثين والمؤلفين، وشارك في الحفائر التي أجريت في عشرات من المواقع الأثرية وخاصة في مصر الوسطى، وقام بدور رئيسي في العثور على مومياوات الفراعنة التي كانت مخبأة بالدير البحري بغربي طيبة، فيما بذل جهدا كبيرا في عملية نقل آثار المتحف المصري وتنظيمه وترتيبه مرتين الأولى عندما نقلت آثاره من بولاق إلى متحف الجيزة سنة 1890، والأخرى عندما نقلت من متحف الجيزة إلى المتحف الحالي بوسط القاهرة سنة 1900، ودعا إلى إنشاء المتاحف في عواصم الأقاليم المصرية فنجح في إنشاء متاحف في أسيوط والمنيا وطنطا.
ودعا إلي إنشاء فرقة لدراسة علم الآثار المصرية بمدرسة المعلمين الخديوية، التي تخرج منها عدد من الطلاب صاروا بعد ذلك من كبار علماء التاريخ والآثار، أما قاموس اللغة المصرية القديمة هو أهم ما كتبه أحمد باشا كمال يقع في 22 مجلدا، ويجمع مفردات اللغة المصرية وما يقابلها بالعربية والفرنسية والقبطية بالإضافة إلي كثير من الكتب التي ألفها عن تاريخ الحضارة المصرية.
The post في عيدهم.. تعرف علي معاناة «الأب الروحي» للأثريين appeared first on البديل.