البديل
بناء على قرار استرداد الأراضي.. هدم قصر الذهب لآخر أمراء المماليك بمصر
حملة «انقذوا قصر الذهب»: الدولة تتذكر تنفيذ قرار الإزالة بعد 11 عامًا من صدوره
القصر متحف إسلامي مفتوح جاذب للسياح..ومشيد على حطام مبان تاريخية تعود للقرن 19
وزارة الري والبيئة تعقد مؤتمراتها الرسمية بالقصر منذ 10 سنوات
القصر ساهم في عشرات الأبحاث مع الجامعات الألمانية لحماية النهر فكيف يكون متعديًّا على النيل
«انقذوا قصر الذهب».. حملة دشنها عدد من الخبراء والمتخصصين بمجال البحوث المائية والبيئية والتنمية المستدامة، تطالب بحماية القصر من الهدم بعدما فوجئ مالك القصر البرنس نجيب عبد الله، آخر أمراء المماليك بمصر، بإنذار من شرطة المسطحات المائية بإزالة القصر، بموجب مخالفة التعدي على 30 متر من طرح النهر صدرت من 2006.
القصر ذات الطراز المعماري الإسلامي المملوكي يمثل بقعة تراثية متفردة على ضفاف النيل بجنوب الجيزة بـ«جزيرة الذهب»، وانتقد مدشنو الحملة قرار الإزالة الذي تذكرته الدولة بعد 11 عامًا ليأتي ضمن قرار استرداد أراضي الدولة التي أعلنها الرئيس السيسي مؤخرًا..
أكد مدشنو الحملة أن البرنس نجيب يمتلك الأوراق الرسمية والتصاريح كافة من وزارة الري منذ إنشائه، وفضلًا عن كونه متحفًا إسلاميًّا مفتوحًا ونقطة التقاء سياحيًّا، وتحول من مجرد بيت للسكن إلى مركز خبرة وملتقى عملي للباحثين الأجانب والمصريين من شتى الجامعات، لتقديم بحوثهم ودراساتهم التي تحمى النهر، فكيف إذن يصدر له قرار إزالة لتعديه على النيل؟!
تقول الدكتورة هناء نظير، أستاذ التغيرات البيئية ورئيس قسم الجغرافيا، ووكيل معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم، إنها دشنت حملة «انقذوا قصر الذهب» من الإزالة نظرًا لأهمية القصر من الناحية الأكاديمية والعلمية والتراثية، معربة عن أنها ضد أي اعتداء على النهر، وتؤيد قرار الدولة في إزالة التعديات وإصرارها على تنفيذ القانون، لكن هذا القصر يحظى بظروف خاصة، بل لم يعتد صاحب القصر على النهر ولم يردم منه شيئًا، فيه منذ إنشائه عام 1992، بل تحول القصر من مجرد بيت للسكن إلى مركز ثقافي وبحثي أشبه بجامعة صغيرة للبحوث العلمية التي تهتم بالحفاظ على النهر، وهو يدلل بقوة على أن القصر لا يشكل أي اعتداء على نهر النيل.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ«البديل» أن علاقتها بالقصر بدأت منذ عشر سنوات، بحكم تخصصها في دراسة الجزر، وأنها ذهبت إلى جزيرة الدهب للبحث، ووجدت القصر الذي يمتلكه البرنس نجيب، الذي فتح أبوابه لها ولطلاب العلم، وأصبح منذ ذلك الوقت ملتقى تذهب إليه مع طلابها لدراسة نواح مختلفة سواء بيئية أو فيما يتعلق ببحوث الري وحماية النهر، أو دراسة المعمار الهندسي الأصيل للقصر.
وتابعت: «فوجئنا بإنذار لصاحب القصر البرنس نجيب عبد الله حسن شركس منذ أيام، بتنفيذ محضر إزالة رقم 116 لسنة 2006 من الإدارة العامة لحماية النيل، بالتعدي على النيل بدون ترخيص، مع العلم أن صاحب القصر يسدد الضرائب والكهرباء، ويمتلك عقود ملكية مسجلة بالشهر العقاري، ولديه تصريح رسمي من وزارة الري عام 2004 بإنشاء مرسى خاص أمام القصر، مما يؤكد أن صاحب القصر لم يردم في النيل ولم يعتد على 30 مترًا بطرح النهر، التي تطالب الوزارة الآن بتنفيذ قرار الإزالة بشأنها، متسائلة: ما الذي جعل الوزارة تتذكر تنفيذ الإزالة الآن، وهل هدم القصر وغيره من بيوت الجزيرة يستهدف مشروعات استثمارية للدولة؟!
وأشارت إلى أن القصر مبنى على طراز تاريخي للمعمار الإسلامي والمملوكي، وتحول إلى متحف مفتوح للحضارة الإسلامية والطرز المعمارية الأصيلة والنادرة، وبنيت جدرانه من حطام مبان تاريخية تعود إلى القرن الـ19، وتسرد جنباته عظمة المعمار المصري وإبداع الفنان والمهندس والعامل الماهر، فهذا المبنى شاهد على عظمة وأصالة الفن الإسلامي، ودليل على استمرار الإبداع اللا متناهي وإحيائه من جديد.
وأضافت أن البرنس نجيب آخر أمراء المماليك عاد إلى مصر قبل 25 عامًا وقرر شراء قطعة أرض على جزيرة الدهب موثقة بعقود قانونية وبنى هذا القصر، وشيده آخر تلاميذ المعماري الكبير حسن فتحي، وهو المعلم مصطفى حسن، وأصبح قصر الدهب نقطة سياحة مهمة يقصدها كل المتجهين من الأفواج السياحية المتجهة إلى زيارة الأهرامات، بالوقوف أعلى كوبري المنيب لالتقاط الصور التذكارية له، والقصر أيضًا نقطة سياحية مدونة في رحلات إحدى المطاعم العائمة على كورنيش المعادي، حيث يقف المركب العائم في جولته أمام مبنى القصر ليلتقط الزائرين صورًا له.
وأكدت أنه يجب ترك القصر قائمًا حتى يوفق أوضاعه مع الدولة، خاصة أن به سكانًا يعيشون منذ عشرات السنين، من ضمنهم أستاذة بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية، وذلك يتماشى مع قرار رئيس مجلس الوزراء لعام 2002 بشأن عدم التعرض لمبان آهلة بالسكان.
واندهشت من علم وزارة الري والموارد المائية بدور القصر العلمي، بل هناك شراكة مع قصر الدهب في استضافة الملتقيات والمؤتمرات العلمية الرسمية، وكان آخرها تنظيم حفل افتتاح اليوم الأول لمؤتمر دولي بالتعاون بين وزارة الري والجامعة الألمانية ووزارة البيئة بعنوانLandscaping Egypt”، حيث استقبل صاحب القصر افتتاح المؤتمر بحديقة القصر على النيل بالمجان، وكان مرحبًا بهذا الحدث العملي الذي يخدم مصر، متسائلة: كيف يكون تشجيعه الآن بهدم القصر بعد تقديمه هذه الخدمات العامة؟
كما ساهمت المهندسة الألمانية كورييل مع البرنس نجيب، في تقديم خدمات جليلة لسكان الجزيرة، منها مشروع إنشاء مركز ثقافي وملتقى اجتماعي ورياضي تمثل في ملعب أسفل كوبري الدائري، ليكون متنفسًا للأهالي، بناء على موافقة الوزارات المعنية، وعلى رأسها وزارة الري والموارد المائية، وافتتحه السفير الألماني بالقاهرة.
وكشفت أن قصر الدهب يشهد الآن عدة مشروعات علمية وبحثية لخدمة الجزيرة من المحزن أن تتوقف لمجرد قرار الإزالة، وهو مشروع جمع وعادة تدوير النفايات الصلبة من الجزيرة للحد من التلوث وتحويلها إلى سماد عضوي وبيوجاز، بالتعاون مع الجامعة الألمانية، فضلًا عن مشروع آخر يهدف للحد من تلوث نهر النيل، وهو وقف إلقاء الصرف الصحي بالنيل، عن طريق مشروع الصرف العضوي بالتعاون بين معهد بحوث الصرف، التابع لوزارة الري والجامعات الألمانية وهيئات دولية، فكيف إذا يتم اتهام القصر بالاعتداء على النيل؟!
وفى تصريح مقتضب لحسام الإمام، المتحدث الرسمي لوزارة الري والموارد المائية، لـ«البديل» أكد أن الوزارة تطبق القانون وتلتزم بسياسات واضحة لحماية نهر النيل، وطالما صدر قرار إزالة للقصر منذ 2006 فسيتم تطبيقه.
The post بناء على قرار استرداد الأراضي.. هدم قصر الذهب لآخر أمراء المماليك بمصر appeared first on البديل.