البديل
السينما أداة الترويج للأنظمة الدكتاتورية
طالما كانت السينما والدراما أحد العوامل الرئيسية التي تعتمد عليها جميع الأنظمة منذ ظهورها في تلميع صورتها أو تشكيل الوعي الجمعي لمواطنيها في طريق يخدم أهدافها وتحقيق ما تريده، والمتتبع للتاريخ سيجد أن الأنظمة الديكتاتورية كافة اعتمدت وبشكل كبير عليها لخدمة مصالحها.
أول الأنظمة التي استخدمت السينما لتحقيق هذا الهدف، كان النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي، الذي أنتج عام 1925 سلسلة أفلام تتحدث عن الديكتاتورية لتلميع النظام الشيوعي، بقيادة المخرج سيرجي آيزنشتاين، الذي آمن بالشيوعية لدرجة جعلته يتجه إلى تحريف التاريخ وإنتاج أفلام ذات موضوعات ومضامين مشكوك في صحتها لخدمة أهدافه.
وأبرز الأفلام “المدمرة بوتمكين” الذي كان شاهدا على بداية استخدام السينما في تزيف الوعي، وفيه تناول آيزنشتاين ثورة عمال مدينة سان بطرسبرغ التي اندلعت عام 1905 بتمرد من البحارة في المدمرة العسكرية “بوتمكين” التي انتقل منها التمرد إلى باقي أنحاء البلاد، لكن ما قدمه المخرج ليس حقيقيا؛ فذكر المؤرخون أن هذا التمرد، نجح نظام القيصر وقتها في تحجيمه بشكل سريع، لكن ظل الفيلم يستقي منه الأجيال التالية معلومات غير صحيحة.
أما النظام النازي، حققت نجاحا منقطع النظير في تلميع صورة هتلر وإبرازه وكأنه مخلص الشعب الألماني من كل ما يعانيه، فقد برع الذراع الدعائي لهتلر، جوزيف جوبلز في هذا الجانب بتقديمه عبر أنصاره مثل المخرجة الألمانية، ليني ريفنتسال، التي قدمت فيلم “انتصار الإرادة” الوثائقي، الذي تناول خطب الزعيم النازي أدولف هتلر، ولعبت فيه كادرات الكاميرا في إيصال صورة معينة مغايرة تستلهم الغرائز.
وجاء المخرج فريتز هبلر، ضمن أذرع جوبلز، حيث قدم فيلم (The Eternal Jew) وفيه سلط الضوء على اليهود بشكل كبير وكأنهم مجرد فيروسات مرضية تتغذى على المجتمع الألماني ويجب التخلص منها، وكأنه يمهد الطريق لعمليات إبادتهم التي جاءت بعد ذلك.
في مصر، لم يختلف الوضع كثيرا؛ فبعد ثورة يوليو، قدم الفنان الراحل إسماعيل ياسين سلسلة أفلام عن العسكرية المصرية غلب عليها الطابع الكوميدي بشكل كبير، وكانت دائما ما تركز على الطابع الدعائي دون لفت النظر إلى المشاكل التي يعانيها المجند للتغلب عليها أو حتى التركيز على السلبيات لتلافيها، شملت السلسلة أفلام “إسماعيل يس في الجيش، إسماعيل يس في البوليس، إسماعيل يس في الأسطول، إسماعيل يس بوليس حربي، إسماعيل يس بوليس سري، إسماعيل يس في الطيران”.
شرد عن سرب المحاباة والتزييف، بعض الأفلام؛ منها “الكرنك، وراء الشمس، احنا بتوع الأتوبيس”، كان المنع من العرض لفترة كبيرة سببا رئيسيا في نسيان الجمهور لها، ولعل أبرزها “البريء” الذي أحدث ضجة كبيرة وقت عرضه، لتعود بعدها السينما من جديد إلى تقديم الأفلام التي يغلب عليها طابع الفكاهة عن الجيش، وكان أبرزها “عبود ع الحدود” للفنان الراحل علاء ولي الدين.
The post السينما أداة الترويج للأنظمة الدكتاتورية appeared first on البديل.